خاص / الميزاب
بقلم الاعلامي / رياض الخزرجي
مع تزايد وسائل الاعلام الالكتروني الرقمي و سرعة وصول الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي باتت عملية النقد سهلة و سريعة و بمتناول يد الجميع، و لكن هناك نقداً بناءً يريد الخير للناشر من خلال نصيحته أو إرشاده للطرق السليمة في نشر الخبر أو ما يتعلّق بالخبر، و هناك من يريد أن يوجه سهام حقده و بغضه للناشر سواء كان شخصاً أم مؤسسة، لذا وددت أن أبين في هذا المقال بعض الفوارق و الإختلافات بين النقد البناء و النقد الهدام، فالنقد البناء الذي يستخدم الأساليب العلمية في نقده، بينما نجد أنّ النقد الهدام يقوم على السب و التجريح الشخصي، و كذلك فإنّ الناقد البناء يقدم نقداً متخصصا و علمياً مبتنياً على أسسٍ علمية جرت العادة على استخدامها في موارد النقد العلمي، و قائماً على دراسة تخصصه في المجال الصحفي أو أي مجالٍ آخر، بينما نجد الناقد الهدام ينتقد أفكاراً لا يلمّ بها و يتكلم في غير مجاله، أو ربما قفز على مهنة الصحافة و تسلّق على متون الآخرين ليدعي أنّه متخصّص في هذا المجال أو ذاك، كما أنّ الناقد البناء يحرص على نصيحة الأشخاص و يُلمّح قبل أن يصرّح علّه يقدّم نصيحته على طبقٍ من ذهب قبل أن يحرج الآخر لأنّ هدفه الفائدة و ليس التجريح و الإنتقاص، بينما الناقد الهدام يتعمد فضيحة الأشخاص حيث ينطلق من دوافع و خلفيات كامنة في نفسه المريضة الحاقدة، كذلك نجد الناقد البناء هدفه الحقيقة المجردة و تحسين الأوضاع لأنك تجده حريصاً مثلاً على أن يُنشر الخبر بصيغته و قالبه الصحيح حرصاً منه على بلده أو مدينته أو مقدساته، بينما نجد الناقد الهدام همه أن يكسب الموقف و يثبت أنّه انتصر في النهاية، و هؤلاء نجدهم دائماً متأخرين و في آخر القافلة لأنهم لا يبحثون عن الحقيقة، و كذلك نجد الناقد البناء يؤكد على إيجابيات الفكرة و توضيح سلبياتها لتلافي هذه السلبيات في المستقبل و عدم تكرارها، بينما الطرف المقابل لا يرى في أي فكرة سوى الجانب السلبي بل لا يرى أي إيجابية في هذا الخبر الصحفي أو ذاك.
في أحيان كثيرة نجد الناقد البناء يرى أن رأيه يمكن أن يؤخذ به و يمكن معارضته في نفس الوقت، و على النقيض من ذلك نجد الناقد الهدام يرى أن رأيه بمثابة حكم نهائي غير قابل للنقض، و هذا دليل غروره و عنجهيته التي ستودي به إلى الهاوية يوماً من الأيام. و كذلك الناقد البناء يرحب بمختلف الآراء التي تطرح من أجل مناقشتها بأسلوب علمي و هدوء و تأني بعيداً عن العصبية و دكتاتورية الرأي، بينما الناقد الهدام غير مستعد لسماع رد صاحب الفكرة، و قد حكم عليه بالفشل مسبقاً، و نجد أنّ الناقد البناء له رأي موحد و ثابت حول الفكرة بغض النظر عن صاحبها، بينما الناقد الهدام لديه إزدواجية، فهو ينتقد حسب مكانة الأشخاص.
لاشك أنّ الناقد البناء يركز على الفكرة بينما الناقد الهدام يوسع النقد إلى موضوعات أخرى ربما بعيدة عن محتوى و أصل الفكرة و يبدأ بزج بعض السموم الكامنة في مخيلته المريضة، كما نجد أن الناقد البناء يقدم بدائل للتطوير، و الأخذ بيد الكاتب أو الصحفي إلى ما هو أفضل و يقنعه بسلوك الطريق العلمي في كتاباته، بينما الآخر نجده لا يهمه تقديم الحلول و إنما الوصول إلى غايته و هي الإنتقاص من هذا الصحفي أو تلك المؤسسة الإعلامية. و كذلك فإنّ الناقد البناء يعدُّ النقد مرحلة من مراحل العمل و الإنجاز، بينما الهدام يقف عند النقد و لا يتعداه، و لو دققنا النظر لوجدنا أنّ الناقد البناء يفصل بين الفكرة و بين غيرها من الأفكار و التي ليس لها علاقة بالموضوع، و لا يتشعب بين الأفكار خوفاً من ضياع خيوط أصول النقد، بينما نجد الناقد الهدام يكرر نقد نفس الموضوع في أماكن و أوقات لا علاقة لها به، و أخيراً فإنّ الناقد البناء ممكن أن يتقبل الأفكار الإيجابية الأخرى لنفس الشخص أو المؤسسة الإعلامية أو الصحفية التي انتقدها، بينما الناقد الهدام إذا انتقد شخصاً أو مؤسسة صحفية معينة فإنه يرفض كل أفكاره الأخرى مهما كانت إيجابية.
و هنا نسأل متى يكون النقد مرفوضاً تماماً؟
نقول: عندما يتجاوز الناقد حدود الأدب، خاصة إذا كانت ألفاظ المنتقد جارحة و مؤلمة و خارجة عن بوتقة النقد العلمي و التخصصي، وتسيء إلى الشخص نفسه ولأهله، أو للمؤسّسة الإعلامية أو الصحفية و للعاملين فيها.. لا إلى فكرته أو مشروعه.
في النهاية أتمنى من جميع الأخوة و الزملاء سواء في مجال الصحافة و الأخبار الرقمية أو الإعلام التقليدي توخي الحذر و عدم الإساءة سواء للأشخاص أو للمؤسسات، فنحن عندما ننتقد نقداً هداماً لا سامح الله سنجد من يكيل لنا الإتهامات و النقد غير المجدي بل ربما التشهير و الإساءة في غير موضعها..
تمنياتي للجميع دوام الموفقيةو الإزدهار لخدمة العراق و مدينة النجف الأشرف من خلال نوافذ الإعلام الرقمي المختلفة.